الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{ولا تستعجل لهم} جائز ولا يوقف على {ما يوعدون} لأن خبر كان قوله: {لم يلبثوا}.{من نهار} كاف ويبتدئ {بلاغ} خبر مبتدأ محذوف أي هذا القرآن بلاغ للناس وقيل {بلاغ} مبتدأ خبره {لهم} الواقع بعد قوله: {ولا تستعجل لهم} أي لهم بلاغ والوقف على قوله: {تستعجل} ثم تبتدئ {لهم بلاغ} قال أبو جعفر وهذا لا أعرفه ولا أدري كيف تفسيره وهو عندي غير جائز وقال غيره لا وجه له لأن المعنى ولا تستعجل للمشركين بالعذاب والتام عند أحمد بن موسى {ولا تستعجل لهم} وقرأ عيسى بن عمر {بلاغًا} بالنصب بتقدير إلا ساعة بلاغًا قال الكسائي المعنى فعلناه بلاغًا وقال بعضهم نصب على المصدر أي بلغ بلاغًا فمن نصبه بما قبله لم يوقف على {من نهار} ومن نصبه بإضمار فعل وقف عليه وقرئ {بلاغ} بالجر بدلًا من {نهار} فعلى هذا الوقف على {بلاغ} وكذلك على قراءة من قرأ {بلغ} على الأمر أي بلغ ما أنزل إليك من ربك.{الفاسقون} تام. اهـ.
أي كخلالة أبي مرحب. وما أكثر هذا المضاف في القرآن. وفصيح الكلام.ومن ذلك قراءة علي وأبي عبد الرحمن السلمي: {بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}.قال أبو الفتح: تحتمل اللغة أن تكون حسنا هنا مصدرا. كالمصادر التي اعتقب عليها الفعل والفعل. نحوالشغل والشغل. والبخل والبخل. وهو واضح.وتحتمل أن يكون (الحسن) هنا اسما صفة لا مصدرا. لكنه رسيل القبيح كقولنا: الحسن من الله. والقبيح من الشيطان. أي: وصيناه بوالديه فعلا حسنا. ونصبه وصيناه به؛ لأنه يفيد مفاد ألزمنا الحسن في أبويه. وإن شئت قلت: هو منصوب بفعل غير هذا. لا بنفس هذا؛ فيكون منصوبا بنفس ألزمناه. لا بنفس وصيناه؛ لأنه في معناه.ومن ذلك قراءة ابن مسعود: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هو ما اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ}.قال أبو الفتح: قد كثر عنهم حذف القول؛ لدلالة ما يليه عليه. كقول الله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ}. أي: يقولون: سلام عليكم. وكذلك هذه القراءة. مفسرة لقراءة الجماعة: {بَلْ هو ما اسْتَعْجَلْتُمْ بِه}. لو لم تأت قراءة عبد الله هذه لما كان المعنى إلا عليها. فكيف وقد جاءت ناصرة لتفسيرها؟ومن ذلك قراءة الحسن وأبي رجاء والججدري وقتادة وعمرو بن ميمون والسلمي ومالك ابن دينار والأعمش وابن أبي إسحاق. واختلف عن الكل إلا أبا رجاء ومالك بن دينار: {لا تَرَى}. بالتاء مضمومة. {إِلَّا مَسَاكِنُهُم}. بالرفع.وقرأ الأعمش: {إِلَّا مَسَاكِنُهُم}. وكذلك يروى عن الثقفي ونصر بن عاصم.قال أبو الفتح: أما {ترى}. بالتاء ورفع {المساكن} فضعيف في العريبة. والشعر أولى بجوازه من القرآن؛ وذلك أنه من مواضع العموم في التذكير. فكأنه في المعنى لا يرى شيء إلا مساكنهم. وإذا كان المعنى هذا كان التذكير لإراته هو الكلام.فأما {ترى} فإنه على معاملة الظاهر. والمساكن مؤنثة. فأنث على ذلك. وإنما الصواب ما ضرب إلا هند. و لسنا نريد بقولنا: أنه على إضمار أحد وإن هند بدل من أحد المقدر هنا. وإنما نريد أن المعنى هذا؛ فلذلك قدمنا أمر التذكير. وعلى التأنيث قال ذوالرمة: وهوضعيف. على ما مضى.وأما {مسكنهم} فإن شئت قلت: واحد كنى من جماعته. وإن شئت جعلته مصدرا وقدرت حذف المضاف. أي: لا ترى إلا آثار مسكنهم. فلما كان مصدرا لم يلق لفظ. الجمعية به كما قال ذوالرمة: فالمدرج هنا مصدر. ألا تراه قد نصب الحال؟ ولوكان مكانا لما عمل. كما أن المغار من قوله: مصدر أيضا: ألا تراه قد علق به حرف الجر؟ وهذا واضح. وحسن أيضا أن يريد {بمسكنهم} هنا الجماعة. وإن كان قد جاء بلفظ الواحد؛ وذلك أنه موضع تقليل لهم وذكر العفاء عليهم. فلاق بالموضع ذكر الواحد؛ لقلته عن الجماعة. كما أن قوله (سبحانه):{ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}. أي: أطفالا. وحسن لفظ الواحد هنا؛ لأنه موضع تصغير لشأن الإنسان. وتحقير لأمره. فلاق به ذكر الواحد لذلك. لقلته عن الجماعة. ولأن معناه أيضا تخرج كل واحد منكم طفلا. وقد ذكرنا نحوهذا.وهذا مما إذا سئل الناس عنه قالوا: وضع الواحد موضع الجماعة اتساعا في اللغة. وأنسوا حفظ المعنى ومقابلة اللفظ به؛ لتقوى دلالته عليه. وتنضم بالشبه إليه.ومن ذلك قراءة ابن عباس وأبي عياض وعكرمة وحنظلة بن النعمان بن مرة: {إِفْكِهِم}. بفتح الألف. والفاء. والكاف.وقرأ: {وَذَلِكَ إِفْكُهُم}. بالمد. وفتح الفاء مخخفة- عبد الله بن الزبير.وقرأ: {إِفْكُهُم}. مشددة الفاء- أبو عياض. بخلاف.وقراءة الناس: {وَذَلِكَ إِفْكُهُم}. فذلك أربعة أوجه.قال أبو الفتح أما {إِفْكُهُم} فصرفهم. وثناهم. قال: وهوصرف بالباطل. وأرض مأفوكة. أي: مقلوبة التراب.وأما {إِفْكُهُم} فيجوز أن يكون أفعلهم. أي: أصارهم إلى الإفك. أو وجدهم كذلك. كما تقول: أحمدت الرجل: وجدته محمودا.ويجوز أن يكون أفعل على معنى فعل. كصد وأصد. وقد مضى ذكره.ويجوز أن يكون {افْكُهُم} فاعلهم كغالطهم وخادعهم.وأما {أفْكُهُم} ففعلهم؛ وذلك لتكثير ذلك الفعل بهم. وتكرره منه عليهم.وحكى الفراء فيها قراءة أخرى. وهي: {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ}. وقال فيه: إلإفك والأفك. الحذر والحذر. ومن جهة أحمد بن يحيى: الأفيك: المصروف عن وجهه وحيلته. وروينا عن قطرب أن ابن عباس قرأ: {وَذَلِكَ افْكُهُمْ}. بمعنى صارفهم. فذلك ست قراءات.ومن ذلك قراءة الحسن وعيسى الثقفي: {مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌا}.قال أبو الفتح: هو على فعل مضمر. أي: بلغوا أو بلغو بلاغا. كما أن من رفع فقال: {بلاغ} فإنما رفع على أضمار المبتدأ. أي: ذلك بلاغ. أوهذا بلاغ.قال أبو حاتم: قرأ: {بلغ}. على الأمر أبو- مجلز وأبوسراج الهذلي.ومن ذلك قراءة ابن محيصن: {فَهَلْ يُهْلَك}.قال هارون: وبعض الناس يقول: {فَهَلْ يُهْلَك}.وقرأ الناس: {يُهْلَك}.قال أبو الفتح: {أما يهلك}. بكسر اللام فواضحة. وهي المعروفة.وأما {يهلك} بفتح الياء واللام جميعا فشاذة. ومرغوب عنها؛ لأن الماضي هلك. فعل مفتوحة العين. ولا يأتي يفعل. بفعل العين فيهما جميعا إلا الشاذ.وإنما هو أيضا لغات تداخلت. ولكنه يأتي مع حروف الحلق إذا كانت عينا أولاما. نحو قرأ يقرأ. وسأل يسأل. وليس لك أن تحمل هلك يهلك على أبى يأبى. وتحتج بأن أول هلك حرف حلق كأبى. لأن آخر أبى ألف. والألف قريبة المخرج من الهمزة. وإن كانت في أبى منقلبة.ومن ذلك ما رواه عمروعن الحسن: {ولم يَعْي}. بكسر العين. وسكون الياء.قال أبو الفتح: هذا مذهب ترغب العرب عنه. وهو إعلال عين الفعل وتصحيح لامه. وإنما جاء ذلك في شيء من الأسماء. وهو غاية. واية. وثاية. وطاية. وقياسها غياة. وأياة. وطياة. وثياة. أوثواة. ولم يأت هذا في الفعل إلا في بيت شاذ. أنشده الفراء. وهو قول الشاعر: فأعل العين. وصحح اللام. ورفع ما لم ترفعه العرب. وإنما تعله. نحويرمي ويقضي. وكذلك قوله: {ولم يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} أجراه مجرى لم يبع. فحذف العين؛ لسكونها. وسكون الياء الثانية. و وزن لم يعي لم يفل مثل لم يبع. والعين محذوفة لالتقاء الساكنين. اهـ.
|